إن الحلم بالهجرة إلى إيطاليا أو غيرها من بلدان أوروبا، والذي يراود الكثيرين، غالبًا ما يصطدم بواقع مرير. فكم من شخص يمني نفسه بالوصول إلى رومانيا كخطوة أولى، معتقدًا أن القدر سيفتح له الأبواب نحو تحقيق حلمه الأكبر في منطقة شنغن. إلا أن هذا التصور، في حقيقة الأمر، لا يعدو كونه ضربًا من الخيال، أشبه بأحلام "الفتى الطائر".
إن الإقدام على هذه الخطوة دون تخطيط ودراية كافية، قد يؤدي إلى الوقوع في براثن واقع قاسٍ، حيث يجد المهاجر نفسه غريبًا في بلاد الرومان، يعاني مرارة الغربة وصعوبة العيش. وقد يواجه خطر الترحيل، ليشاهد بأم عينيه في المطارات صورًا مؤلمة لأشخاص فقدوا كرامتهم نتيجة لهذا المصير.
كما يجب التخلي عن الاعتقاد الخاطئ بأن صاحب العمل في أوروبا سيقوم بتشغيل المهاجر دون أوراق ثبوتية. فهذه الفكرة ما هي إلا "كذبة أبريل" تتكرر كل يوم، ولا أساس لها من الصحة.
ومن الأخطاء الشائعة التي يقع فيها البعض، السفر إلى دول شنغن قبل الحصول على الإقامة أو خلال فترة الاستقالة أو بعد انتهاء صلاحية التأشيرة. فالسلطات المختصة قد تعتبر ذلك مؤشرًا على محاولة استغلال التأشيرة أو الإقامة الرومانية لغير الغرض الذي منحت على أساسه، مما قد يؤدي إلى إلغاء التأشيرة أو شطب الإقامة من النظام.
ناهيك عن أن الرواتب في رومانيا، كما هو الحال في معظم الدول الأوروبية، تخضع لضرائب مرتفعة تقتطع جزءًا كبيرًا منها. كما أن تكاليف المعيشة في ازدياد مستمر، مما يجعل الحياة صعبة على المهاجرين.
أما قصص النجاح التي يتناقلها البعض عن أشخاص عاشوا في أوروبا لعشرين عامًا دون أوراق ثبوتية، فهي حالات نادرة لا يمكن التعويل عليها. فمن الأجدر بالمهاجر أن يكون على دراية بالمخاطر والتحديات التي قد تواجهه، وأن يتذكر أن الواقع قد يكون أشبه بفيلم "الرهينة"، حيث يتعرض المهاجر غير القانوني للاستغلال وانتهاك الحقوق.
فالراتب الذي قد يحصل عليه المهاجر غير القانوني غالبًا ما يكون أقل من الحد الأدنى، مع حرمانه من الحقوق الأساسية وعدم وجود مسار واضح للحصول على الإقامة والجنسية. كما أنه يعيش في خوف دائم من الترحيل، ويواجه تعقيدات في جميع جوانب حياته، بالإضافة إلى الاستغلال البشع والحرمان من أبسط الحقوق، كزيارة الأهل في الوطن الأم.
لذا، قبل الإقدام على خطوة الهجرة غير الشرعية، يجب التفكير مليًا في هذه المخاطر والتحديات، والبحث عن طرق قانونية وآمنة لتحقيق حلم الهجرة، بعيدًا عن الأوهام والأحلام الزائفة.