إقصاء جيل الشباب ورفض تدوير الفشل

مقالات
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

منذ سنوات، اتخذت قرارًا بالتوقف عن الكتابة والتوجه نحو العمل الميداني، إيمانًا بأن الأفعال والأمثلة العملية أجدى من التنظير الذي لا يجد آذانًا صاغية أو قلوبًا مستعدة للتغيير.

 

رغم سقوط الطاغية، ما زال شبح الطغيان يخيّم علينا، متجسدًا في صور النخب المتصدّرة، والمناضلين المتشبثين بأمجاد الماضي، والخبراء الذين عفا عليهم الزمن. سوريا اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تحتاج سوريا  إلى دماء جديدة، إلى أفكار مبتكرة، وإلى طاقات شابة قادرة على رسم مستقبل مشرق.

النضال الحقيقي ليس منصة للمجد الشخصي أو احتكارًا للشرعية، ولا الثورة مزرعة خاصة

النضال هو فتح طريق جديد أمام جيل جديد، هو نقل النجاح للجميع لا التسيد والتصيد والسيطرة.

الثورة مرحلة تاريخية تنتهي بانتهاء مسبباتها، ولا يجوز أن تتحول إلى غاية في حد ذاتها.

شعارات "أنا أو لا أحد" و"أنا ومن بعدي الطوفان" و" لعيبة او خريبة " يجب أن تدفن، ويجب إقصاء أصحابها الذين يعيقون تقدمنا نحو مستقبل أفضل.

لا يوجد في أجندات التغيير "مناضل أبدي" أو تقديس للتاريخ.

من يتطوع للقيادة  مستقبلا  عليه أن يحمل مشروعًا واضحًا، وخطة عمل قابلة للتنفيذ، وخبرة عملية تثبت قدرته على تحقيق النجاح، لا أن يأتينا بسيرة ذاتية تاريخية، أغلبها ملطخة بالفشل والتجارب المحبطة.

من قاد في فترة سابقة من النخب الهرمة، وامتازت قيادته بالفشل والفرقة وتمزيق الصف، علينا أن نقصيه قبل أن يعيد إنتاج الفترة السابقة.

لقد آن الأوان لك  للاعتزال الطوعي والانسحاب بكرامة، والتحول إلى مراجع لا منافس، فقد تعبنا من الاستماع إلى بطولات الماضي، ونريد الاستماع إلى خطط المستقبل.

الديكتاتورية لا تكون فقط بالعنف والقمع، بل يمكن أن تكون ببقاء الوجوه القديمة، والخطابات باللغة الخشبية والعاطفية التي تؤدي إلى تدوير الفشل.

الشرعية لا تسرق ولا تفرض، إنما تكتسب بالعمل وتصحح مسارها بالنقد البناء. لا وجود في المستقبل لمن يمارس الإقصاء، فالجالية السورية في كل مكان، وفي رومانيا على وجه الخصوص، هي مجتمع تعددي،وهي مؤسسة اجتماعية خدمية لاسياسية ولاربحية  وأي عضو لم تتلوث يداه بالدماء هو رفيق درب، بغض النظر عن درجة ثوريته أو إيمانه أو معتقداته أو آرائه السياسية.

إن إقصاء جيل الشباب هو إقصاء للمستقبل، وتكريس للفشل. فلنفتح الأبواب أمام الطاقات الشابة، ولنمنحهم الفرصة لقيادة التغيير، ولنرفض تدوير الفشل والوجوه القديمة التي عفا عليها الزمن. سوريا تستحق الأفضل، وشبابها قادر على تحقيق ذلك.

 -منقول