كيف استقبلني السفير الفلسطيني الدبلوماسي عصام مصالحة في السفارة الفلسطينية!

مقالات
Typography
  • Smaller Small Medium Big Bigger
  • Default Helvetica Segoe Georgia Times

بقلم: مازن رفاعي

من المعتاد لي كطبيعة عمل أن أقوم بزيارة كل سفير عربي يستلم مهام عمله في رومانيا، وذلك كصحفي روماني من أصل سوري، بهدف التعرف عليه والاستفادة لاحقا من نشاطاته في مقالاتي وتحقيقاتي الصحفية في رومانيا وخارجها.

وكوني عضوا في نقابة الصحفيين الرومان المحترفين عام 2003  ونائب الرئيس للنادي الروماني العربي للثقافة والاعلام فقد طلبت من زميلي الإعلامي الفلسطيني "احمد جابر"  ترتيب لقاء لي للتعارف مع السفير الفلسطيني عصام مصالحة .

في احد الأيام اتصل بي "احمد جابر" وقال لي انه لدينا موعد ولقاء مع السفير الفلسطيني  في مقر السفارة، وسيستقبلنا كصحفيين أعضاء في النادي . بالطبع توجهت معه الى السفارة الفلسطينية بعد ان سالته اذا كان اسمي تم طرحه تحديدا وتمت الموافقة عليه. الإجابة كانت: نعم اكيد.

طبعا البرتوكول بسيط جدا في السفارة الفلسطينية فقد دخلنا الى مكتب السفير مباشرة، وكانت رائحة الدخان تملا الغرفة بشكل مزعج لي كوني اعاني مشاكل تنفسية تحسسية، وانتظرنا السفير الذي اتى مرحبا وبوجه بشوش.

تكلم احمد عن النادي ونشاطاته وشخصياته ومن ثم عرف عني “مازن رفاعي" صحفي روماني من أصل سوري. سألني السفير هل انت مؤيد ام معارض؟ قلت له انا هنا صحفي روماني ولكنني معارض سوري علماني سلمي،  وحين سمع الرد تغيرت سحنة السفير وتجهم وجهه! وقال لي لأكون صريحا معك انا والسلطة ضد المعارضة السورية الإرهابية! ومع الحكومة السورية والرئيس السوري بشار الأسد قلبا وقالبا.

تفاجئت بالطرح اللا دبلوماسي  وتلعثمت قليلا مع دخول المسؤول الأمني في السفارة الفلسطينية الذي بدا بتسجيل الملاحظات وهو ينظر بغضب الي .. نظرت الى "احمد جابر" مستنجدا فقال:

سعادة السفير: أخي وزميلي الصحفي مازن رفاعي هنا بناء على رغبتكم في لقاء أعضاء من النادي الروماني العربي للثقافة والاعلام،  وهو هنا بصفته كعضو مؤسس ونائب رئيس وصحفي روماني وليس كسوري وانا اخبرتكم بحضوره مسبقا.

نظرت الى السفير الفلسطيني وقلت لها سعادة السفير: لست هنا من اجل الدعاية للقضية السورية ولا للحديث في السياسة ...هي جلسة تعارف ليس الأبناء على رغبتكم، وانا احترم مواقفك النابعة من موقف السلطة الفلسطينية وحماس بدعم النظام السوري لأسباب لا اعرفها ولا افهمهما.

قال لي وهو يدخن بشراهة وعصبية ...هذا ليس فقط موقف الرئيس عباس والسلطة والمنظمة، وانما هو موقفي الشخصي، فانا ابن سوريا وابن بانياس وابن النظام السوري، نشأت وترعرعت في بانياس على حبه والإخلاص له (ولحم كتافي من خيره) وجميع أصدقائي ضباط ومتنفذين في النظام.

والمعارضة إرهابية خربت البلد ومرتهنة ..

قاطعته وقلت له: سعادة السفير لم اتي هنا ولم احضر نفسي لنقاش هذا الموضوع ، ولكن ان سمحت لي وبعيدا عن الدبلوماسية ان أقول رايي الشخصي كسوري .

فقال لي ستدافع عن الارهابيين وتقول لي تل الزعتر والأردن واغتيال عرفات وما الى اخره من هذه الأسطوانة المشروخة.

قلت له: ان سمحت لي فسأقول لك انا ضيف هنا ..

اولا : يبدو ان الأخ احمد جابر ورطني في لقاء كنت اود ان لا يكون بهذا الشكل  (من تاريخه لم أتكلم مع احمد جابر ).

ثانيا: المواقف السياسية للسلطة وحماس منذ سنوات كانت هي دعم المعارضة وضد النظام السوري وتم مطالبته بالتنحي،  وتم اتهام النظام بتدمير المخيمات وتشريد فلسطينيي سوريا وخاصة مخيم اليرموك، وبعدم الموافقة على اعماره وعودة الفلسطينيين .

قاطعني السفير بان هذا ليس صحيح وهناك خطة وافق عليها النظام بإعمار المخيم الذي بدا فعلا.

قلت له: ان سمحت سعادتك دعني أكمل كما استمعت لك فحقي ان تستمع لي قبل ان اغادر.

اكرر انا لست هنا كسوري فانا فاقد حقوق المواطنة في سوريا كوني معارض سلمي علماني، ولو كنت احمل السلاح لتم شملي بقرارات العفو .

ثالثا: كصحفي روماني أقول لك ان موقفي من النظام هو موقف الاتحاد الأوربي، كوني مواطن اوربي وانا اتبنى مواقف الاتحاد الأوربي تماما.

رابعا: موقفك الشخصي من النظام انت حر فيه، ولكنك دبلوماسي يجب ان تكون على الحياد في الكثير من الأمور وان لا تحتد على أي مواطن روماني بهذا الشكل.

قاطعني السفير انا أتكلم معك كسوري وليس كروماني، وانت معارض تدعم الإرهاب، وانا مستعد للشهادة والموت من اجل النظام السوري. ولن ادعم المعارضة.

تابعت بهدوء الواثق من نفسه قلت سعادة السفير: انا هنا كداعم تاريخي لقضية شعب اغتصبت ارضه وشرد وهجر، ومنذ نعومة اظافري كنت اتبرع للقضية الفلسطينية بالوقت والجهد والمال كأغلب السوريين،  وانا من اهم المدافعين عن القضية الفلسطينية في رومانيا، ويعرف الأخ احمد جابر والسفراء الذين سبقوك ذلك .

اكرر لست هنا لتسويق وجهة نظري حول مايحدث في سوريا، وهو معروف لاحاجة لتسويق ان كنت تقرا الصحف.

قاطعني السفير نعم قرات كيف تم قطع الرؤوس لقوات الجيش العربي السوري العزل من السلاح في بلدي بانياس.ومافعلتموه في عدرا مع النساء.

قلت له: لن اناقش التفاصيل وسأكمل الفكرة قبل ان استمع لحضرتك مجددا، اذا احببتم الاستماع لوجهة نظري كسوري معارض فسأقوم بزيارتكم  مع وفد من جالية السوريين وهم رومان ورجال اعمال من اصل سوري ومعارضين،  للاستماع ومناقشة الموضوع خارج اطار الدبلوماسية.

قال لي: لن استقبل أي معارض سوري، وعلاقاتي ممتازة مع السفير السوري وزرته اكثر من مرة.

قلت له: اعتقد ان الوضع السوري اخذ الحيز الأكبر من نقاشنا، ولكن قبل ان اغادر اتيت لأقول لك:

نحن في النادي الروماني العربي للثقافة والاعلام اعتدنا على القيام بنشاطات لدعم قضايا الشعوب ومنها الشعب الفلسطيني، وقد اصدرنا عدة تراجم لشعراء فلسطينيين واقمنا عدة ندوات ونحن موجودين بنشاط على الاعلام الروماني وفي الوسط الدبلوماسي والاكاديمي وناشطين كرومان . القضية الفلسطينية قضية حق ندعمها بغض النظر عن راينا في السياسة الفلسطينية. هذه هي الرسالة التي قدمت هنا لتقديمها، وان سمحت لي بالمغادرة على امل اللقاء مجددا .

غادرت السفارة وتجنب المسؤول الأمني المتجهم ان يودعني، وعاتبت "احمد جابر" بشدة على توريطي بهذا اللقاء، ومن تاريخه شابت علاقتي معه منغصات حتى بعد ان اعتذر على الامر وبانه اخبر السفارة بحضوري ولكن لم ينتبهوا للاسم كما قال .

حيث قال انه اخبرهم ان عضوين من النادي الروماني سيحضران احدهم اسمه مازن رفاعي وهو صحفي ولم يعرف السفير ان مازن رفاعي هو معارض علماني سلمي سوري الأصل.

ما حدث ولا شك غير لطيف وخارج اطار اية لغة دبلوماسية، وهذا الامر يحدث معي للمرة الأولى منذ 30 عاما خبرة في العمل الصحفي، وقد حدث لي امر مشابه مع السفير السعودي الحالي سأفرد له مقالة أخرى لاحقا.