مجموعة من الشباب الرومان شاهدوا على التلفاز ما يحدث في سوريا وقرأوا ما يكتبه الاعلام الروماني يوميا عن معاناة السورين في المخيمات , وعلموا ان الاعلام الروماني قد اهتم بمخيم أطمة على الحدود التركية فأرادوا ان يوجهوا اهتمام الشعب الروماني الى مخيم اخر يقع في جنوب سوريا
الرحلة الى مخيم الزعتري في جنوب سوريا لم تكن مليئة بالمفاجئات وخاصة ان احدى الناشطات الرومانيات تعلمت بعض الكلمات والعادات العربية اثناء عملها التطوعي في مركز لرعاية الاطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في عمان
كغريب في العالم العربي تكفي ان تكتب كلمة "صديق" لتكون جواز مرور الى قلوب اهله . وهي الكلمة السحرية التي اوصلت الناشطة "داليا " ورفاقها " سورينا " و " دراكوش " الى المخيم , على المدخل واجهتهم عبارة "مرحبا بكم في مخيم الزعتري للاجئين"
امام "داليا" واصدقائها يومين فقط لتعود الى رومانيا بقصص المعاناة وبصور عن المخيم .
لاول وهلة بدا المخيم كمدينة كبيرة من الخيام بسكانه ال120 الف يجمعهم قدر الهروب من معارك طاحنة تدور على الطرف الاخر من الحدود . مدينة من الخيام مقسمة الى 15 قطاع وتمتلك 3 مدارس 62 مسجد ومستشفيين ومقبرة على بعد 12 كم ومراكز للمؤسسات الدولية والشرطة .
الشانزليزيه اسم الشارع الرئيسي للمخيم , حيث تتوفر هناك حياة الرفاهية صالات البليارد والكمبيوتر والمحلات الاخرى.
موجات القادمين للمخيم لا تتوقف وحسب الشرطة فان 60% من سكان المخيم اعمارهم اقل من 18 سنة أي ن 40 الفا منهم يجب ان يتابعوا دراستهم , ولكن هذا لا يحدث حيث ان الاطفال يعملون ليعيلوا اهلهم , والعمل يبدا من عمر 6 سنوات حيث يبيع الطفل الشاي والقهوة والحاجات الاساسية.
عدم توفر الماء هو معركة يومية لسكان المخيم ورغم ان مؤسسات حقوق الانسان تقدم الطعام والماء يوميا للاجئين ولكن الحاجة تدفع بعض سكان المخيم الى بيع مخصصاتهم . ولا يخلوا الامر من بعض التصرفات اللا المسؤولة التي يقوم بها سكان المخيم مدكما يشتكي رجل الشرطة الاردنية للناشطة " داليا " .
الامراض لاتترك سكان المخيم فهي صديق وفي ودائم, وخاصة لاطفال, مئات المراجعات يوميا تستقبلها المشافي ماعدا الامراض النفسية وحوادث الطرقات لان الطفال يلعبون على الطرق التي تسير بها الاليات !
ولكن كل هذه الماسي لا تمنع سكان المخيم من الاحتفال بالأعراس والاعياد .
يقول احد المسنين ممازحا للناشطة الرومانية " في هذا العيد بدل التضحية بالخواريف قام بشار بذبح اطفالنا قرابين لكرسيه.
الكل يفكر بالهروب والطريقة الاسهل للهروب من المخيم هي الزواج من مواطن او مواطنة اردنية , ولكن هذا صعب ايضا لان العادات في المنطقة تطلب من الزوج ان يكون مقتدرا ماديا , والعادات والتقاليد تجعل زواج البنت من اردنيا غير مستحب.
عائلة احمد زوجته وبناته الاربع يقطنون خيمة مجهزة بتلفزيون غالبا مايتوقف البث بسبب حركة الهوائي المستقبل, ابنته بسمة تعاني من اثر حروق على صدرها حين هرب من الحريق بدل من ان يأخذ ابنته خارجا اخذ الوسادة وبعد قليل انتبه الى أنه يضم الوسادة , ولازالت ابنته عالقة بين النيران فعاد لتخليصها ومكثت بالمشفى اشهرا طويلة.
في المدرسة الواحدة يقبع 80 طالبا ومدرسين حيث يتم فصل البنات عن الاولاد , ضوء الشمس هو الانارة الوحيدة المتوفرة ، القفز من نوافذ المدرسة اثناء الدرس امر اعتيادي وتغيب الطلاب بسبب العمل وعدم انتظامهم امر اعتيادي ايضا , ولان الاولاد يعملون فان الحصص الصباحية تكون في المدرسة للفتيات فقط , وبعد الظهر يأتي دور الاولاد ,
في كثير من الاحيان يبدا الطالب بالبكاء ضمن الدرس حين يتذكر محدث معه , ويتوقف الدرس ريثما يعود الى حالته الطبيعية او يمكن ان ينقل مشاعر الحزن والمعاناة لطلاب اخرين ليشاركوه البكاء اذا تكلم عن سبب بكائه .
الطريق الى الشقاء ( المخيم ) بدا بشقاء اكبر يقول احمد : هربنا من الموت على طريق وعر ليلا مع الاطفال وامهم ، اكثر من 10 كيلومترات مشيناها ليلا بمساعدة دليل , وحين وصلنا الى هنا سالمين بدانا بالبكاء على ما صار اليه حالنا.
مع كل هذه الاوضاع السيئة تبدو "داليا " مشدوهة حين تسمع من السكان انهم راضون لان هذا هو طريق الحرية لسوريا , ويتابعون نحن نبني بمعاناتنا مستقبل اجيال سوريا الجديدة , اطفالنا يتعلمون هنا ليسمعوا صوتنا للعالم , هنا نحن متأكدون ان الايام القادمة ستكون افضل , سنعود يوما الى سوريا الى اللون الاخضر ونترك هنا صحراء الزعتري.
تقول "داليا " ودعت يومين من المعناة القاتلة على وجوه اطفال جميلين , ورغم انني قرات الاسى والمعاناة في اعينهم الى انهم دائما كانوا ينظزون الي وشفاههم مبتسمة ليعطوني الامل بدل الالم .