الاحداث الثقافية العربية نادرة الحدوث في المجتمع الاغترابي برومانيا , فالبعض يعتبرها ترفاَ لا مكان له , والاخرون يعتبرونها إضاعة للوقت والجهد والمال , لان الثقافة تجارة غير مربحة .
ولان الفنان والكاتب والمثقف كائن متمرد في طبيعته, فانه يصر على ان يفتح الأبواب المغلقة , ويستثمر في تجارة خاسرة ( ماديا ) ,
بهذا النمط من التفكير حملت " بسمة علولو" مدرسة اللغة العربية التونسية , لواء التغيير في المجتمع الاغترابي النسائي برومانيا , فحطمت تماثيل الصمت , وأطلقت صيحة التغيير وبدات التحضير لجولة ثقافية كانت اقرب منها الى سباق المارثون . فالخامات موجودة , والرغبات الأدبية كامنة , والارضية الثقافية صلبة , ولكن المشروع يحتاج الى فنان ومهندس يصمم وينفذ .
الخطة كانت جريئة ومميزة . إعادة النساء العربيات الى مقاعد الدراسة , واعادة الكتاب الى احضانهن , معادلة صعبة ! ولكنها ليست بالمستحيلة على مدرسة ومثقفة ,
خطة العمل البسيطة كانت مرهقة ومتعبة, ,يجب العمل على اقناع كل سيدة بأهمية العمل الجماعي , وبضرورة إعادة التواصل الفكري الثقافي , وفوائد التصالح مع الكتاب المقروء , وهجر التلفاز ووسائل التواصل الاجتماعي على النت ولو الى حين . مهمة ما كانت لتنجح لولا الإصرار والكاريزما القيادية التي تملكتها " بسمة ".
أحلام المدرسة التونسية بدأت تتحول الى حقائق , بالموافقة على اعلان تشكيل نادي الكتاب العربي في رومانيا , والمحاولات الأولى كانت ناجحة ومثمرة وواعدة , والتجاوب كان مدهشا , ونوعية الحضور كانت اكثر من مرضية ومحفزة على الاستمرار.
المشاركات تذوقوا من جديد طعم الكتاب, واستذاقوا طعمه اللذيذ بعد طول فراق فطالبن بالمزيد . وكانت الندوة الأولى والثانية ندوات محلية ناجحة .
وفي خطوة جريئة قررت " علولو" ان تكسر الحواجز وتخرج بالتجربة من الاطار الخاص, الى الاطار العام وكانت فكرة استضافة مترجم وكاتب وفنانة لمناقشة موضوع الادب العربي في رومانيا " بقايا أحلام ممزقة مثالا"
وتم اخيار الأفضل على الساحة الرومانية البروفسور جورجي غريغوري ايقونة المستشرقين الرومان مترجم معاني القران الكريم ونهج البلاغة وابن عربي والغزالي وابن رشد والرومي وغيرهم .
والكاتب مازن رفاعي صاحب ثلاث مجموعات قصصية صدرت باللغتين العربية والرومانية, وكتبه نالت حظوتها وتقديرها في الأوساط الأدبية والثقافية الرومانية , والفنانة السورية " سمر الدريعي " اول فنانة مغتربة تقام لها معارض ويكتب عنها الاعلام الروماني , ويفرد لها النقاد الفنيين الرومان صفحات للحديث عن اعمالها .
اما الحضور فكان مجموعة متميزة من السيدات اتين من كافة الاقطار العربية ( سوريا – فلسطين – العراق – تونس – المغرب – الأردن ) تميزن جمعيهن بالمستوى التعليمي العالي , والثقافة المتجذرة , وقوة الحضور .
هذه السمفونية الأدبية الثقافية كان يقودها مايسترو قدير "بسمة " والتي تمكنت ان تخلق حالة من الانسجام والتزامن , وتبادل الأدوار . ليتم عزف سمفونية أدبية نسائية جميلة في رومانيا , اعجب بها كل من سمعها وتناقلت اخبارها الجالية العربية والإسلامية والكردية وطلاب كلية الادب العربي ,وامتلات مواقع التواصل الاجتماعي بالصور والتعليقات الإيجابية .
وكانت هناك مفاجئة لجميع الحضور حين اطلت عليهم الكاتبة الأردنية "سمر الكيلاني “ واصرت على ان تشارك الجميع في هذا الحفل الثقافي , عبر مداخلة متلفزة استمع لها الحضور وصفقوا لها ولأمنياتها وتمنوا ان تكون بينهم في ندوة قريبة .
نعليقات المشاركات بالندوة كانت أيضا مميزة : المرأة ليست نصف المجتمع وانما ثلاث ارباعه ... مقولة وراء كل رجل عظيم امرأة خاطئة والصحيح ثلاث نساء …امه وزوجته وابنته ... قررنا الاهتمام بالثقافة بعد ان اهملها رجالنا فنحن فقط نقوم بالمهمات الصعبة التي يعجز عنها الرجال .