من العدم انطلقت مشاعري صارخة تعلن عن ولادتها ، نظرة فابتسامة فموعد فلقاء حديث ونظرة إلى عينيه
كانت كافية لتجعل إيقونة السحر فيهما تبدأ مفعولها ،ومن عينيه ابتدأت رحلة إلى عالم جديد،
عيناه كانتا وطني الجديد ومملكتي القادمة ، والزمن أصبح له مقياس آخر في حياتي
فالثواني تحولت إلى ساعات
بانتظار المساء
موعد هجرة طيور الرغبة
إلى سماء الاشتياق
باحثة عن ملاذها
تلك الطيور التي اعتادت على الإدمان ،
إدمانها على رحلتها اليومية
إلى وطنها الجديد.
من قال أن الغربة هي غربة الجسد ،
إن الغربة هي غريه الروح والقلب ،
الغربة هي الحيرة والضياع
والحياة المهجورة من الأحبة.
حبه انسكب قطرة قطرة في وعاء أيامي
وكان لابد من أن يأتي اليوم
الذي سيطفح الكأس،
حينها سأرتكب جريمة الكلمة
واعترف له بمشاعري
وأنه قد تم تتويجه أميرا لقلبي.
الكلمات باتت تنتظر دورها لتدب الحياة فيها
وتهاجر مع مشاعري إلى ملكوته .
أحببته كالأرض العطشى
التي تهب نفسها للمطر،
وأردت امتلاكه
كما تمتلك طفلة صغيرة اغلي ألعابها .
وفي اليوم الذي لا يجمعنا لقاء
كنت اهرب إلى النوم
أملا في أن التقي به في الأحلام .
منتظرة يوم اجمع فيه حقائب الحب
وامضي لأسكن في مخيلته .
كبت مشاعري
كان كالسكين الحادة
تحولني إلى كتلة من اللحم المفروم ،
نظراته، كلماته، جاذبيته، تصرفاته ،عصبيته
كانت أمواجا تضرب مراكبي
تدعوها إلى الغرق في بحوره.
في يوم ممطر
تقدم لوالدي شاب يرغب
في أن أكون أما لأولاده،
فاسترجعت ذاكرتي
المخدرة بالآمال والأحلام نشاطها
وتهت في الوصول إلى الرد المناسب .
من هو ومن أنا بالنسبة له؟
اخبره بالقصة احد أصدقائنا المشتركين
وحين حدثته
لمعت عيناه ببريق غريب
لم أعهده فيهما .
لم استطيع أن أترجم أحاسيسه
ولم افهم لغة بريق عينيه .
على الهاتف تجرأت
وألقيت بخزائن عواطفي إليه،
وعلى الطرف الآخر كان الصمت ،
الصمت القاتل
الذي جعل مراكبي تهاجر في كل اتجاه ،
دقائق بدت كالدهر
وأنا اتسائل
هل أصل بعد هذا
بعواطفي ومشاعري إلى شاطئ الأمان؟
أم أن العواصف القادمة من جهته ستغرقها!
على الطرف الأخر
أتى الرد باردا ،ومبهما،
وخاليا من الحياة،
أجاب على تساؤلاتي بتساؤلات ؟
ووضعني في حيرة اكبر
وعذاب أقسى .
ودرات الأيام
ومضى عام آخر من العذاب والحيرة الممزوجة بالألم ،والآمال ،والأمنيات،
وأعلن عن ولادة عام جديد .
اخترت واختار أن نبدأه معا
في نفس المكان ،
قمت بدعوته إلى الحفل
وتقبل الدعوة بفرح ورغبة ،
الفرحة كانت بقدومه اكبر بكثير
من الفرحة بقدوم العام الجديد
وفي تلك الليلة ضمت جسدانا غرفة واحدة
نسينا فيها كل من حولنا
وانطلقنا سويا في عالمنا الخاص
كنا أشبه بعريس وعروسة
في ليلة زفافهما .
وفي صباح ليلة الزفة
أشهر مسدسه
وصوب على قلبي كلماته
وأطلق عيارات نارية من الكلمات القاتلة.
ابلغ صديقنا المشترك
انه لا يفكر في كزوجة .
انه لا يرغب أن أكون
جاريته ،وملك يمينه، وحبيبته
في يوم من الأيام.
وطلقة الرحمة كانت حين قال :
أنا لا يهمني إذا كانت تحبني
فهذه مشكلتها؟!
في ذلك اليوم المشئوم
تمنيت لو أكون نسيا منسيا ،
تمنيت لو أني أعود إلى العدم
فاسكن هناك،
دلفت إلى غرفة نومي ،
و اقتربت الوسادة
صديقتي المخلصة
التي اشكوها همومي
من راسي بقوة
وارتشفت الدموع التي ذرفتها
وكتمت أصوات النحيب، والأنين، والقهر
تخيلته يقول
لا أنت لست لي
ولا حبك لي .
فكرت في كل الطرق وجميع الاتجاهات
إلا أن أتخلى عن حبه
وانسحب من حياته،
فهذه ستكون حكم علي بالإعدام
من قبل جلادي
وعدت إلى التساؤل
تقاذفني أمواج الحيرة :
هل هو جاد في كلماته ؟
ولكن ماذا عن تصرفاته !
هل أحاسيسي خدعتني ؟
هل يعتقد أن الرجل
لا يمكن أن يعترف بالحب ؟
وماذا إذا عن المرأة ؟
هل للحب لديه مسكنا
وهل للعواطف ملاذا ؟
هل خفق قلبه مرة بكلمة احبك.؟
أم هل له قلب أصلا؟
هل قلبه أعمى لا يرى؟
وأصم لا يسمع ؟
واخرس لا يتكلم؟
اعرف واعلم وأحس وأدرك
انه إنسان مليء بالمشاعر
والأحاسيس والحب والرغبة .
فلماذا يريد أن يجعل قلبه من الحجر ؟
ويدرك أن هذا مستحيل .
ولماذا لا يريد أن يعترف
أن هناك قصص حب فاشلة
وأخرى ناجحة.
شموع الأيام تنطفئ واحدة تلو الأخرى
ولا نلبث أن نبقى في الظلام
مخلفين ورائنا خطا طويلا
من شموع الأيام المطفئة
لنعمل سوية
أن نحافظ على بعض الشموع متقدة
لتنير الطريق لنا ولغيرنا
في أيام الظلام .