"إن الوصول إلى أمة موحدة هو تتويج لمسيرة طويلة من المساعي و التضحيات قدمها أجدادنا و الحفاظ على أي أمة موحدة منوط بما سنقوم به نحن و أحفادنا في المستقبل"
نشأت رومانيا الكبرى و هو الإسم الذي أُطلق على الأراضي التي ضمتها المملكة الرومانية في الفترة الفاصلة ما بين الحرب العالمية الأولى والثانية، لم تكن الوحدة وليدة اللحظة بل سبقتها إرهاصات و حنين لدولة موحدة تضم شمل جميع الرومانيين توق إلى تلك الدولة التي إنتهت من على خرائط الجغرافيا بعد هزيمة داتشيا بقيادة الملك دِتشِبال أمام الإمبراطورية الرومانية بقيادة ترايان، قد يكون دِتشِبال أنهى حياته بيده كما صور المعماري النبطي أبولودور الدمشقي في تحفته المعمارية عامود ترايان المقام في روما عاصمة إيطاليا الحالية و لكن داتشيا لم تختف من عقل قادة رومانيا على مدار التاريخ، داتشيا التي وحدها بُرِبيستا حضرت دوماً في تاريخ رومانيا، كان هناك سعي نحو الوصول إلى حلم الوحدة، و كان ميهاي الشجاع حاكم الافلاق أول من إستطاع بعد إنتهاء مملكة داتشيا توحيد الأقاليم التاريخية الثلاث التي شكلت معظم أجزاء رومانيا الكبرى و ذلك في بداية عام 1600و إن كانت الوحدة إستمرت لأشهر إلا أنها لعبت دورا فعالا في إذكاء الروح الوطنية أثناء ثورة 1848فلم تكن الوحدة الوطنية الذي نادى به قادة الثورة من أمثال ألِكساندرو كوزا و أفرام يانكو و سيمون بارنوتسيو و فاسيلي أليكساندري مجرد أضغاث أحلام بل مشروع له جذور تاريخية و لم يكن كتاب نيكولايه بالتشيسكو عن ميهاي الشجاع "برافو" مجرد سرد تاريخي بل كان بمثابة بيانها الأول ،قطار الوحدة الذي إنطلق في الرابع و العشرين من كانون الثاني يناير من سنة 1859للميلاد حين سطر الرومانيين مثالاً تاريخياً في التخلي عن المناطقية والمصالح الضيقة و صوتوا من أجل الوحدة و لو بطريقة غير مباشرة حيث كان الإتفاق على أن يتم إختيار حاكم للأفلاق و أخر
لمولدفيا و رغم إعتراض القوى الكبرى على ذلك كانت الوحدة الصغرى بين البلاد الرومانية او ما تعرف أيضا بإسم فلاهيا مع مولدوفيا بعد أن إختيار الأمير ألِكساتدرو ايوان كوزا أميرا لتلك الإمارة الموحدة حيث أجبر ذلك القوى الكبرى على قبول الأمر الواقع الذي فرضه إختيار كلا الإمارتين لنفس الحاكم، لم يتلفت أهل الافلاق كما تسمى فلاهيا في المصادر التاريخية العربية و العثمانية إلى أن كوزا من البغدان كما تسمى مولدوفيا في كتب التاريخ العربي و العثماني و قبل الجميع كوزا حاكماً و ببوخارست الواقعة في قلب الافلاق عاصمة للإمارة الوليدة، و قد لاحظ الاباء المؤسسون للإمارة أن إستقرار الإمارة يتطلب إستقرار نظام الحكم و إبعاده عن صراعات المناطق فتم إزاحة كوزا بهدوء سنة 1866و تم إحضار كارول الأول وتنصيبه أميرا في العاشر من مايو أيار من نفس العام و للمفارقة كارول الأول ألماني له أيضا أصول فرنسية من جهة الأم و لكن إستقرار الدولة كان أهم من أصل الحاكم عند النخبة الحاكمة ،و خلال عشر سنوات خاضت رومانيا حرب الإستقلال و أعلنت سنة 1877إستقلالها عن الدولة العثمانية و عودة إقليم دُبرُجيا إلى الإمارة و بعد 4سنوات تحولت الإمارة الموحدة إلى المملكة و إستمر حكم كارول الأول لغاية تاريخ 1914ليخلفه إبن أخيه الملك فِرديناند و في عام 1916دخلت رومانيا الحرب العالمية الأولى إلى جانب قوى التحالف و مع تفكك الإمبراطوريات النمساوية الهنجارية و الروسية و العثمانية بدأت الأقاليم في إعلان الإنضمام للمملكة الرومانية ففي 27/03/1918إنضم إقليم باسآرابسا و في 28/11/1918إقليم بوكُفينا و ليكتمل العقد بإنضمام ترانسلفانيا و بنات في الأول من شهر ديسمبر كانون الأول في مدينة آلبا يوليا في نفس المدينة التي أعلن منها ميهاي الشجاع الوحدة من قبل، و أصبح 1/12هو التاريخ الذي تحتفل به رومانيا بالوحدة و بعد ثورة عام 1989ضد نظام حكم تشاوتشيسكو تم إختيار هذا التاريخ ليكون اليوم الوطني الروماني.
رومانيا الكبرى كانت مساحتها تصل إلى 295ألف كيلو متر مربع و تضم أجزاء تقع اليوم في دول أخرى هي
باسآرابيا "جمهورية مولدوفيا"، بوكُفينا الشمالية "أوكرانيا" جنوب دُبرُجيا "بلغاريا" ،كانت المملكة تضم ما بين 16و18مليون مواطن ربعهم من الأقليات الوطنية مثل المجريين و الأتراك و التتار و الألمان و اليهود و التشيك و الاوكرانيين و غيرهم، و جاء دستور عام 1922ليؤكد على تساوي حقوق المواطنة للجميع بغض النظر عن أصولهم العرقية و الإختلافات اللغوية و الدينية و الثقافية و على وحدة أراضي رومانيا و عدم تقسيمها.