ببالغ الحزن والأسى، تلقت الجالية العربية في رومانيا نبأ انتقال رجل الأعمال السوري المرموق، الدكتور نواف سلامة، الى الامجاد السماوية بعد مسيرة حافلة بالإنجازات والنجاحات التي تركت بصمة واضحة في عالم الأعمال والمجتمع. لقد كان رحيله خسارة فادحة ليس فقط لعائلته ومحبيه، بل أيضاً للجالية العربية في رومانيا التي فقدت قامة شامخة ورائداً من رواد الأعمال .
الدكتور نواف سلامة، الذي ولد عام 1965 في مرمريتا بوادي النصارى في سوريا، كان مثالاً يحتذى به في الطموح والإصرار والعصامية. فمنذ نعومة أظفاره، أظهر تفوقاً أكاديمياً ملحوظاً، مما بشّر بمستقبل واعد. وفي عام 1983، انتقل إلى رومانيا ليكمل دراسته في مجال الطب، محققاً بذلك حلمه في أن يصبح طبيباً. إلا أن طموحه لم يتوقف عند هذا الحد، فقد رأى في رومانيا فرصة سانحة لبناء إمبراطورية أعمال عالمية.
وبالفعل، استطاع الدكتور سلامة، بفضل رؤيته الثاقبة وعمله الدؤوب، أن يؤسس مجموعة "ألكسندريون Alexandrion Group" التي تحولت إلى علامة تجارية مرموقة في مجال إنتاج المشروبات الروحية. لم تقتصر أعمال المجموعة على رومانيا فحسب، بل امتدت إلى أكثر من 100 دولة حول العالم، لتشمل الولايات المتحدة الأمريكية، وأفريقيا، واليونان، وغيرها. وقد تميزت مجموعة ألكسندريون بتحقيق النجاح والتميز في كل بلد حطت فيه أقدامها، بفضل الإدارة الحكيمة والابتكار المستمر الذي كان يقوده الدكتور سلامة.
لم يكن الدكتور نواف سلامة مجرد رجل أعمال ناجح، بل كان أيضاً صاحب رؤية استراتيجية تتجاوز حدود مجال صناعة المشروبات الروحية. فقد كان يؤمن بأهمية التنويع والاستثمار في القطاعات الواعدة، فتوجه إلى مجالات الزراعة والطاقة البديلة، مدركاً أهميتها في تحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة. لقد كان يرى في هذه المجالات فرصاً حقيقية لتحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة، وهو ما يعكس بعد نظره وحرصه على المساهمة في بناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
إلى جانب نجاحاته في عالم الأعمال، كان الدكتور سلامة يتمتع بصفات إنسانية نبيلة، فقد كان محباً للخير ومؤمناً بأهمية المسؤولية الاجتماعية. لذلك، قام بتأسيس "مؤسسة ألكسندريون الخيرية"، وهي منظمة غير ربحية تهدف إلى دعم الثقافة والرياضة والتعليم في رومانيا. من خلال هذه المؤسسة، قدم الدكتور سلامة مساهمات جليلة للمجتمع الروماني، ودعم العديد من المشاريع التي تهدف إلى تعزيز التنمية الثقافية والاجتماعية. لقد كان يؤمن بأن النجاح الحقيقي لا يقتصر على تحقيق الأرباح المادية، بل يمتد ليشمل المساهمة في خدمة المجتمع ومساعدة المحتاجين.
لم ينس الدكتور سلامة جذوره السورية، فكان دائم الاهتمام بقضايا وطنه وشعبه. ورغم الأحداث المؤلمة التي تشهدها سوريا، كان متفائلاً بمستقبلها، مؤكداً على أن الشعب السوري متمسك بإيمانه وعلمه وحرصه على البقاء من أجل الحفاظ على أرض الآباء والأجداد. ودعا الله أن تعود سوريا كما كانت مرتعاً للسلام والأمان. تعكس هذه الكلمات مدى حبه لوطنه وإيمانه بقدرة شعبه على تجاوز الصعاب وبناء مستقبل مشرق.
رحل الدكتور نواف سلامة وترك وراءه إرثاً عظيماً من الإنجازات والنجاحات، كما ترك ثلاثة أبناء أعزاء: أنطونيو، وروبرتو، ومايكل. وسيظل اسمه محفوراً في ذاكرة الجالية العربية في رومانيا كرمز للعصامية والنجاح والعمل الخيري.
إن فقدان الدكتور نواف سلامة يمثل خسارة كبيرة للجالية العربية في رومانيا ولعالم الأعمال بشكل عام. لقد كان شخصية ملهمة وقدوة حسنة للشباب الطموح الذين يسعون إلى تحقيق أحلامهم وبناء مستقبل أفضل. نتمنى لأسرته وأصدقائه ومحبيه الصبر والسلوان، إننا نؤمن بأن روحه الطاهرة قد صعدت إلى السماء، لتنعم بالسلام الأبدي في حضرة الرب. فلتكن نفسه في سلام. وليضئ نوره الدائم عليه.
سيتم الإعلان عن تفاصيل مراسم الجنازة لاحقًا.